جراءات حكومية اقتصادية كان
آخرها زيادة رواتب العاملين بالقطاع العام والمتقاعدين بلغت 20 دينارا،
استبقت التحرك الشعبي والحزبي والنقابي أمس الجمعة من مسيرات في مختلف
محافظات المملكة، محور تناوله عدد من كتاب الرأي في الصحف اليومية،
بالتحليل وإبداء الرأي بتلك الإجراءات الحكومية ومدى تأثيرها على فاعلية
احتجاجات الشارع.
رئيس تحرير محليات “العرب
اليوم” الكاتب فهد الخيطان أوضح في مقاله الذي حمل عنوان “هل أصبحت الحكومة
جزءا من المشكلة”، أن الحكومة كانت “تُعوّل على أن الحزمة الثانية من
الإجراءات ستخفف من حدة الاحتقان في الشارع, وتقطع الطريق على دعوات
الإسلاميين واليساريين لتنظيم مسيرات حاشدة يوم الجمعة, لكن اللافت أن
مسيرة “الحسيني” أمس كانت أكثر زخما من مسيرة الأسبوع الماضي وتجددت
المسيرات في الكرك واربد وذيبان بمشاركة أوسع, وانضمت مدن جديدة مثل
الزرقاء والطفيلة إلى القائمة”.
وأشار إلى أن الشعارات الرئيسية
للمسيرات لم تتغير, لا بل أن مشاعر السخط على الحكومة والمطالبة برحيلها
زادتا بشكل ملحوظ، إضافة إلى استرجاع المتظاهرين كل مظاهر الخلل والفساد
التي طبعت المرحلة السابقة مطالبين بمراجعة جذرية وإصلاحات شاملة”.
وأكد الخيطان أن حكومة الرفاعي
استنفدت جميع الخيارات المتاحة أمامها لتنفيس الاحتقان الشعبي, ومع كل خطوة
تقترب فيها من الشارع يزداد الناس نفورا منها حتى عندما تتخذ قرارات
إيجابية كقرار زيادة الرواتب أو تخفيض الضريبة على البنزين فإن ذلك لا
ينعكس على شعبيتها.
الكاتب فهمي الكتوت رأى أن
“حالة من الغضب الشعبي تسود البلاد, التحركات الشعبية تعبر عن سخط الجماهير
على فشل الحكومة في مواجهة تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين, واحتدام
التمايز الاجتماعي, ردود الأفعال الرسمية باهتة, لا ترقى بحال من الأحوال
إلى مستوى الإحداث, المطلوب تحقيق إصلاح سياسي, والتراجع عن السياسات
الاقتصادية والاجتماعية الليبرالية”.
فالأزمة، بحسب الكتوت، عميقة،
وتتجلى مظاهرها بمصادرة الحريات العامة لتغييب الرقابة الحقيقية على
ممارسات الحكومات, باستنزاف الأموال في أبواب إنفاق لا تحتل أولوية في حياة
المواطنين واستشراء حالات الفساد التي أصبحت ظاهرة عامة, وإغراق البلاد
بالمديونية التي تستنزف خدماتها أموال الدولة, والتوزيع غير العادل للثروة
الوطنية.
ويؤكد الكاتب على أن التحركات
الشعبية يجب أن تنصب نحو تحقيق الحرية والديمقراطية وإصدار قانون انتخابات
ديمقراطي يسهم بتحقيق التداول السلمي للسلطة, ومحاربة الفساد ومعاقبة
الفاسدين, وتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية, وقيام الدولة بدور
ملموس بالتعاون مع القطاع الخاص بتنفيذ برامج تنموية, تستهدف تصويب
التشوهات الهيكلية للاقتصاد.
الإجراءات الحكومية..هل هي مسكنات؟
يقدم الكاتب حسن الشوبكي في
مقاله بصحيفة “الغد” تأكيده بأن المسكنات لا تجدي مع الأمراض المستعصية،
ومن غير المقبول أن تقدم حبة اسبرين لمن ألمّ به مرض مزمن، ولا يجوز
التذاكي على الحالة الراهنة والزعم بأن تخفيف حدة الاحتقان يكون بالتعامل
مع قشور المشكلات من دون معالجة حقيقية لأسباب التراكم السلبي الذي يخرق
جيوب المواطنين ويرسم صورة غير مشرقة للواقع الاقتصادي بشقيه الجزئي والكلي.
وهو ما يؤكده الكاتب عريب
الرنتاوي في مقاله بالدستور الذي عنونه بـ”ليس بالاسبرين وحده تعالج
الأزمات”، حيث أشار إلى أن الحكومة أقدمت خلال الأسبوعين الأخيرين على
اتخاذ سلسلة من “الخطوات الصغيرة” بهدف احتواء حراك الشارع والنخب على حد
سواء، وقطع الطريق على أية سيناريوهات متشائمة”.
وأبدى خشيته من أن يعتاد الرأي
العام الأردني على انتظار المزيد من هذه “الخطوات الصغيرة” عشية كل يوم
جمعة ، تسبق الاستعداد لتسيير تظاهرات ومسيرات وما بعد الصلاة ، وتسعى في
احتوائها أو تنفيسها ، ذلك أن قدرة الحكومة على اتخاذ المزيد من هذه
“الخطوات”، ستظل محدودة، على تواضع هذه الخطوات وضآلتها.
واعتبر الرنتاوي “أن مثل هذه
المعالجات “الترقيعية” ما عادت تجدي نفعا، وأحسب كما كثير من الأردنيين،
أنها جاءت متأخرة، وإنها اتخذت “منحى وقائياً واستباقياً”، لم تنبع من
قناعات عميقة ورؤية برنامجية ، ولم تأت في سياق مشروع متكامل، بعيد المدى ،
لمعالجة الاحتقانات والاحتباسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ،
والأهم من ذلك كله ، أن الرأي العام ليس متأكداً تماماً بأنها “ليست ظرفية”
و”غير قابلة للانتكاس والتراجع”.
الكاتب حسن الشوبكي الذي تناول
الأزمة الاقتصادية وأسبابها، يخلص إلى أن البرامج الدولية والطنية لم تفلح
بمعالجة تفاقم عجز الموازنة حتى وصلنا إلى حاجز بليون دينار، كما واصلت
المديونية الارتفاع داخليا بعد أن سجلت ارتفاعات قياسية على المستوى
الخارجي، مرجعا السبب لكل ما سبق إلى التوسع في الانفاق وكبر حجم الموازنة
وقبلها تضخيم حجم القطاع العام نسبة إلى إجمالي حجم الاقتصاد حتى بلغ 40 %.
وانتهى الرنتاوي إلى أنه وقبل
أن يحل آخر الشهر، سيكون مفعول مختلف “الإجراءات والخطوات” التي اتخذتها
الحكومة خلال الأسبوعين قد تبددت، فالعشرين ديناراً لا تكفي لزيادة صحن فول
واحد على مائدة الموظف أو العامل أو المتقاعد، ناهيك أن مئات ألوف
المواطنين، غير المشمولين برحمة الزيادة الحكومية، ففقراء القطاع الخاص من
صغار الكسبة والعاملين بأجر وعمال المياومة والموظفين الصغار في المنشآت
غير الحكومية، لا بواكي لهم، ولا يبدو أن أحداً من الجالسين على مائدة مجلس
الوزراء طرح سؤالا: ماذا بشأن هؤلاء ، ماذا عن المفقرين والجياع من غير
الموظفين المدنيين والعسكريين؟