الحكمة النافعة

موضوع: الحكمة النافعة الخميس مايو 26, 2011 11:38 pm

الحكمة النافعة

المصدر:د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

الحكمة النافعة 1576344317

الحكمة مِنة إلهية يختص الله تعالى بها من أراد له وفيه ومنه
الخير، كما قال سبحانه :{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } فهي عطاء رباني وليس كسباً
إنسانياً، أو جهداً ذاتياً، ولو بذل من الجهد الشاق، وقطع في طلبها الآفاق،
وقد فُسرت الحكمة بأنها: العلم النافع المؤدي إلى العمل الصالح، فمَن مَن
الله تعالى عليه بشيء منها فإن واجبه الشكر الكثير، والحمد الوفير، أَنْ
ميزه بها بين الأنام، وجعله محط أنظار الخاص والعام، لاسيما إذا رأى غيره
سادراً في ظلاله، أو سابحاً في خياله.
وقد ذكر القرآن الكريم بعض نماذج لمن أوتوا الحكمة من الأنبياء والولاة،
فسطر بعض حِكَمهم، وشاعت بين الأمم سيرهم، كنبينا، صلى الله عليه وسلم،
الذي قال عنه:{ ذَلِكَ مِما أَوْحَى إِلَيْكَ رَبكَ مِنَ الْحِكْمَة} وداود
عليه السلام الذي قال عنه: { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ
الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}، ولقمان الحكيم الذي حكم الأرض ومن عليها
وقال عنه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}.
ومع كونها ثابتة لهؤلاء الصفوة من البشر على التعيين، إلا أنها لا تقتصر
عليهم، فيمكن أن يفيضها الله تعالى على من اختصه من عباده، كما دلت عليه
الآية السابقة. ولو بحثنا عن ذوي الحكمة في عالم اليوم لوجدنا منهم الكثير
الذين يهدون إلى الحق وبه يعدلون، ممن نفع الله تعالى بهم العباد والبلاد،
وحفظوها من الفساد، وهم الولاة المخلصون، والعلماء الصادقون. فالولاة الذين
أحاطوا البلاد بالأمن والطمأنينة، ويسّروا سبيل الحياة بسكينة، وحفظوها من
الضغينة، هم الولاة الذين مُيّزوا بهذه الفضيلة. والعلماء الذين أفادوا
وأجادوا، وبينوا الحق وأرشدوا إليه، فكانوا هداة مهديين، هم أيضاً حكماء
ينهل من معينهم الصادر والوارد. إلا أن كثيراً من الناس لا ينتفعون من أهل
الحكمة السلطانية، أو الربانية؛ لعدم معرفتهم بفضلها وعظيم نفعها، أو
بالأحرى لعدم هدايتهم لها، إما لغفلتهم عن الله، أو لعصيانهم له، فيتنكرون
لها، فيكون حالهم كما قال دريد بن الصمة:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وإن تعجب فعجبٌ أن يكون هذا حال من وصفهم المصطفى، صلى الله عليه وسلم، في الخبر الصادق بقوله: «الإيمان يمان، والحكمة يمانية».
ومن يرَ وضعهم اليوم يتأس لذهاب الحكمة عنهم؛ لما هم عليه من فتنة جارفة
وفوضاء عارمة، يمكن أن تعصف بهم وتأكل الأخضر واليابس، فهل يا ترى ذهبت
الحكمة عنهم حقا أم تنكروا لها، فعموا وصموا ثم عموا وصموا؟
وأياً ما كان فإن نعمة الله تعالى إذا ذهبت فقلما تعود، وقد قال الحكماء
إذا أراد الله بقوم سوءاً سلب ذوي العقول عقولهم، وفي التنزيل الحميد ما
يدل لذلك وهو قوله جل شأنه: {إِن اللهَ لَا يُغَيرُ مَا بِقَوْمٍ حَتى
يُغَيرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا
مَرَد لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}، أفلا يتدبرون المآل
الذي ينتظرهم من نكال ودمار، وخراب ديار؟ إن الحكمة التي أتتهم من دول
الجوار ـ مجلس التعاون الخليجي ـ التي أجمع عليها ساسة العالم تأييداً
ومباركة يمكن أن تذهب أدراج الرياح، فيندمون عليها ندامة الكُسَعي، ولكن
لات حين مندم، فأين أهل الرشاد والسداد قبل أن تعمهم الفتنة وتغشاهم الغمة؟
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

» الحكمة من أن صلاة الجمعة ركعتان لا 4 ركعات